منازعات عقود المقاولات: آليات التسوية الودية والقضائية

تعليقات

مشاركة

بواسطة: سلامة المنصوري

تلعب عقود المقاولات دوراً محورياً في تنفيذ المشاريع الإنشائية والتطويرية، إذ تربط بين أصحاب هذه المشاريع “المالك” وبين الشركات المتخصصة في تنفيذ الأعمال “المقاولين”.

وتنظم التشريعات في دولة الإمارات العلاقة التعاقدية بين المقاول والمالك، بما في ذلك تحديد المسؤوليات والالتزامات القانونية الملقاة على عاتق كل من الطرفين.

كما ينظم القانون الإماراتي كافة الأحكام المتعلقة بعقود المقاولات بما فيها كيفية تسوية المنازعات الناشئة عن هذه العقود بالطرق الودية أو القضائية.

وسيتناول هذا المقال التنظيم القانوني لعقود المقاولات في التشريع الإماراتي مع بيان مسؤوليات والتزامات كل من المقاول وصاحب المشروع تجاه الآخر.

مسؤوليات والتزامات المقاول في عقود المقاولات

يلتزم المقاول في عقد المقاولات ببذل عناية الرجل المعتاد في تنفيذ الأعمال المتفق عليها، ويكون مسؤولاً عن القيام بكافة الإجراءات اللازمة لضمان جودة وسلامة الأعمال حسب المواصفات والخطط والرسومات الهندسية المعتمدة من المالك.

كما يُلزم المقاول بتوريد المواد والمعدات اللازمة وتشغيل العمالة المناسبة بكفاءة وحرفية عالية لتنفيذ الأعمال على الوجه الأكمل خلال الفترة الزمنية المحددة بالعقد.

ويلتزم المقاول أيضاً بإصلاح أي خلل أو عيب في الأعمال في أثناء فترة الصيانة وضمان الجودة المتفق عليها، كما لا بد من اتخاذه الاحتياطات اللازمة لسلامة العمال والمارة وعدم إلحاق الضرر بهم جراء تنفيذ المشروع.

وللمقاول في المقابل الحق في الحصول على الدفعات المالية التي تستحق له وفق نسب الإنجاز والبنود المتفق عليها في العقد مع المالك.

هذه ملامح وافية عن أبرز مسؤوليات والتزامات المقاول في عقود المقاولات بناءً على القانون الإماراتي. أرجو التوجيه إن كان هناك أي نقاط أخرى تحتاج إلى إضافتها في هذا الصدد.

مسؤوليات والتزامات الاستشاري في عقود المقاولات

يُعد الاستشاري هو الطرف المسؤول عن الإشراف ومراقبة سير العمل في مشاريع المقاولات، وذلك نيابة عن صاحب المشروع “المالك”، لذلك تترتب عليه كثير من المسؤوليات والالتزامات، من أبرزها:

1 – التحقق من مطابقة التصميمات والمخططات الهندسية للمواصفات الفنية المتفق عليها في العقد.

2 – الإشراف على تنفيذ الأعمال ومراقبة مدى التزام المقاول بالشروط التعاقدية وجداول التنفيذ.

3 – فحص المواد والمعدات الموردة من قبل المقاول والتأكد من مطابقتها للمواصفات.

4 – اعتماد صرف الدفعات المستحقة للمقاول بناءً على نسب إنجاز الأعمال.

5 – تسلّم الأعمال المنجزة نيابة عن المالك عند إنهاء المشروع.

في حال إخلال الاستشاري بالتزاماته يتحمل المسؤولية أمام المالك، وقد يلزم بدفع التعويضات المناسبة.

يعد الاستشاري مسؤولاً أمام صاحب المشروع عن أيه أخطاء أو إهمال في أعمال الإشراف والمتابعة، لذا يجب عليه بذل عناية الشخص الحريص والمهني المختص في القيام بمهامه الإشرافية.

ومن التزامات الاستشاري أيضًا ما يلي:

  • مراجعة المخططات والتصميمات الهندسية بدقة والتأكد من خلوها من العيوب.
  • حضور اجتماعات التنسيق الدورية مع المقاول لمتابعة سير العمل.
  • تزويد صاحب المشروع بتقارير دورية عن مدى تقدم الأعمال ونسب الإنجاز وجودتها.
  • تقديم الاستشارات والنصائح الفنية للمقاول عند الحاجة خلال مراحل التنفيذ المختلفة.
  • تسوية أي منازعات أو خلافات فنية بين أطراف التعاقد حسب أحكام العقد وأصول المهنة.

الإشكاليات التي تواجه تنفيذ عقود المقاولات:

يُعد تأخر صرف المستخلصات المالية والدفعات المالية الدورية من أبرز الإشكاليات التي تواجه تنفيذ عقود المقاولات، حيث إن هذه الدفعات تمثل السيولة ورأس المال التشغيلي الذي يمكّن المقاول من الاستمرار في تنفيذ الأعمال المتفق عليها حسب الجداول الزمنية المحددة في العقد.

ويرجع هذا التأخير غالبًا إلى مشكلات مالية أو إدارية تواجه أصحاب وممولي المشاريع، مما يؤدي بالتبعية إلى عدم قدرة هؤلاء على الوفاء بالتزاماتهم التعاقدية تجاه المقاولين.

ومن المؤكد أن مثل هذا التأخر في السداد يلحق أضرارًا جسيمة بالمقاول، إذ تتوقف سيولته المالية مما يحول دون قدرته على شراء المواد أو دفع مستحقات العمالة أو الوفاء بمصروفات المشروع الأخرى.

كل ذلك من شأنه أن يتسبب في توقف الأعمال أو تأخيرها، فضلاً عن كونه يشكل إخلالاً صارخًا ببنود العقد من قبل أصحاب المشاريع.

لذا فمن المهم تدارك هذه الإشكالية ووضع آليات قانونية وعملية لإلزام المالك بالسداد في المواعيد المحددة تجنبًا لأي تبعات سلبية.

يُعد تأخر صرف المستخلصات المالية والدفعات المالية الدورية من أبرز الإشكاليات التي تواجه تنفيذ عقود المقاولات، حيث إن هذه الدفعات تمثل السيولة ورأس المال التشغيلي الذي يمكّن المقاول من الاستمرار في تنفيذ الأعمال المتفق عليها حسب الجداول الزمنية المحددة في العقد.

التنظيم القانوني لعقود المقاولات في القانون الإماراتي

سأتناول الآن التنظيم القانوني لعقود المقاولات في القانون الإماراتي:

يخضع تنظيم عقود المقاولات في دولة الإمارات لأحكام القانون الاتحادي رقم (18) لسنة 1993 بشأن المعاملات المدنية، إلى جانب لائحته التنفيذية والقرارات الوزارية الصادرة من وقت لآخر بهذا الشأن.

وتنقسم عقود المقاولات وفقاً للقانون إلى نوعين رئيسين هما:

  1. 1. عقود مقاولات الأعمال المدنية: وتشمل الأبنية والطرق والجسور وغيرها.
  2. 2. عقود مقاولات الأعمال الفنية المتخصصة: مثل الأعمال الميكانيكية والكهربائية والمساحية.

كما يحدد القانون الالتزامات التعاقدية والقانونية على كل من المالك والمقاول والاستشاري، وينظم آليات تسوية المنازعات، بالإضافة إلى الضمانات اللازمة لحماية المتعاقدين.

فيما يخص تنفيذ هذه العقود ومساءلة المقاولين ومراقبة الجودة والسلامة، تتولى ذلك الهيئة الاتحادية للمواصفات والمقاييس.

آليات تسوية النزاعات الناشئة عن عقود المقاولات

تتيح التشريعات الإماراتية عدة خيارات أمام أطراف عقد المقاولة لتسوية أي نزاع قد ينشأ بينهم، وذلك على النحو التالي:

1 – التسوية الودية: حيث يلجأ الطرفان إلى حل النزاع بالتراضي فيما بينهما بما يحقق مصالحهما المشتركة، وذلك عبر المفاوضات المباشرة أو الوساطة.

2 – التحكيم: وهو أسلوب شائع في تسوية منازعات المقاولات نظراً إلى سرعته وخصوصيته، حيث يفصل في النزاع قاضٍ أو هيئة تحكيم يتفق عليها الطرفان.

3 – القضاء: حيث يُرفع النزاع أمام المحاكم المدنية المختصة وفقاً لقواعد الاختصاص القضائي المقررة في قانون الإجراءات المدنية.

4 – لجنة فض المنازعات في وزارة المالية: بالنسبة إلى المشاريع الحكومية تتولى اللجنة تسوية الخلافات التعاقدية الناشئة بين الأطراف.

ويهدف المشرع من وراء تقرير هذه الآليات إلى ضمان حسم المنازعات بين أطراف عقود المقاولات على نحو نهائي وملزم ودون إبطاء.

خاتمــــه

تُعد عقود المقاولات من أهم صور التعاقدات المدنية والتجارية، فهي الأداة القانونية التي تربط بين المطورين وأصحاب المشاريع من جهة وبين مقاولي ومنفذي الأعمال من جهة أخرى، وذلك في إطار تنفيذ المشروعات الإنشائية والهندسية المختلفة.

وقد حرص المشرع الإماراتي ممثلاً بالقوانين الاتحادية ذات الصلة على تنظيم كافة الأحكام المتعلقة بهذه العقود بدقة وتفصيل، بدءاً من مرحلة إبرام التعاقد وانتهاءً بالإنجاز الكامل للمشروع مروراً بمرحلة التنفيذ والإشراف وضمان الجودة.

كما نظم المشرع حقوق والتزامات الأطراف الرئيسة في مثل هذه العقود، وهم المالك والمقاول والاستشاري، إلى جانب تحديد الضمانات القانونية الكفيلة بحماية هذه الحقوق وضمان الوفاء بتلك الالتزامات.

هذا بالإضافة إلى تنظيم آليات تسوية المنازعات بما يكفل الفصل العادل والسريع فيها دون الإخلال بسير الأعمال أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة.

ويُتوقع مع استمرار النهضة التشريعية والاقتصادية التي تشهدها الدولة، أن تطرأ المزيد من التحديثات على الأطر القانونية المنظمة لعقود المقاولات بما يدعم مسيرة التطوير والاستثمار، ويعزز جاذبية بيئة الأعمال الإماراتية على المستويين الإقليمي والعالمي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تواصل معنا

تواصل معنا

اخر مقالات منشورة

تواصل معنا

طلب خدمة